الأحد، 19 سبتمبر 2010

مصر على أعتاب المجهول

المراقب جيدا للوضع السياسى الحالى فى مصر يدرك تماما أن مصر مقبلة على مرحلة إنتقالية خطيرة فى تاريخها وهو شىء يشغل بال الكثير من المصريين ومن المراقبين السياسيين فى مصر والعالم، ولا عجب فى ذلك فدولة بحجم مصر كانت قادرة دوما على رسم سياسات منطقة الشرق الاوسط وتحديد مسار المنطقه فى فترات مهمة تاريخيا، فعندما ثارت مصر مع عبد الناصر ثار الوطن العربى وعندما استسلمت مصر مع السادات بدعوى السلام الوهمى مع إسرائيل تشتت العرب وضعفت شوكتهم، وهذا لأنها الدولة الأقوى عسكريا وديموغرفيا فى المنطقة.
والأن مصر تواجه تحدى خطير لم تشهد مثله من قبل فهى على أعتاب انتخابات برلمانية مهددة بالتزوير من الحزب الحاكم.
فى ظل حراك سياسى غير مسبوق ورغبه جدية من المصريين فى التغيير ترجمها الدكتور محمد البرادعى ومن اتفق على أفكاره من مختلف القوى السياسية فى الجمعية الوطنية للتغيير وأكد عليها شباب مصر فيما شكلوه من حركات مناهضة لما يرونه من فساد.
وسيعقب هذه الانتخابات البرلمانية بشهور إنتخابات رئاسية ستحدد مصير مصر فى الفترة القادمة لأنها قد تؤدى إلى تولى رئيس جديد لمصر المسئولية فى ظل سيناريوهات متوقعة بتوريث الحكم لجمال مبارك كمرشح عن الحزب الوطنى وهو ما سيثير استفزاز الكثير من المصريين.
لكن عموما هناك شبه إجماع بين المصريين أن أصواتهم لن تغير شيئا فى كل هذه الانتخابات، فالمواطن المصرى أدرك من خبرته المتكررة بما يجرى فى الانتخابات المصرية من تزوير علنى أنه ليس بيده من الأمر شيئا وأن هذه الانتخابات مجرد ديكور لتجميل وجه النظام الحاكم أمام العالم، واكتساب شرعية مزيفة نابعة من إدعاء كاذب بأن مصر تحكمها الديموقراطية.
وهى ما يمكن أن نسميها الديموقراطية الشكلية او ديموقراطية الأصوات العالية.
فعلى الشعب أن يقول ما يريد .. لكنه لن يحكم وطنه.
والمتأمل لهذه الديموقراطية المدعاة فى مصر سيرى عجبا، فهل يعقل أن يكون هناك دوله ديموقراطية يحكمها حزب واحد لمده تزيد عن ثلاتين عاما رغم الكوارث التى مرت على مصر طوال هذه السنوات، ورغم حالات السخط الشعبى التى اجتاحت مصر طول هذه المدة، ورغم ما أصاب مصر من نكبات إقتصادية وارتفاع لنسبة الفقر وتراجع لدورها الإقليمى.
وهل يعقل أن يكون هناك بلد ديموقراطي يسود به حزب واحد فقط .. ولا يتجاوز عدد أعضاء الحزب الذى يليه فى مجلس الشعب خمسة أعضاء فى أفضل الحالات،
ولذلك فان مصر فى انتخاباتها القادمه مقبلة على مصير مجهول وهو مجهول لأنه ليس بأيدينا كشعب ولكنه بيد من يديرون هذه اللعبة المزيفة التى يمررون من خلالها ما يريدون، ولن نستطيع أن تكون لنا الكلمة وأن نحدد مصير وطننا إلا إذا أدرك الشعب المصرى أن قبوله لكل ما حدث فى مصر من تزوير وفساد هو ما شجع المزورين على إكمال أدوارهم بكل ثقة.
وأنه مشارك فى كل ما يحدث من فساد بسكوته واستسلامه وأنه من حقه المشروع أن يحكم وطنه وأن يحدد مصيره بدلا من أن يتركه على أعتاب المجهول